الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012

إرشادات لمرضى الذئبة الحمراء

إرشادات لمرضى الذئبة الحمراء

مقدمة من ا.د. الهام حسني

ما هو المرض وما هى أسبابه :
        هو مرض من أمراض المناعة الذاتية حيث يقوم جهاز المناعة لأسباب غير معروفة بإنتاج كميات كبيرة من الأجسام المضادة المناعية التى تهاجم أعضاء الجسم ذاته أى أن الجسم يهاجم ذاته وينشأ عن هذا التهابات مزمنة وأضرار ببعض الأعضاء مثل الكلى وخلايا الدم والجلد والمفاصل والجهاز العصبى وتوجد نظريات متعددة لأسباب حدوثه تشمل تأثير الهرمونات أو  المسببات البيئية على أشخاص لديهم إستعداد وراثى لإضطرابات المناعة الذاتية فتنبعث الأجسام المضادة المناعية من الخلايا اللمفاوية ب ومعظمها يكون ضد النواة والحامض النووى DNA. وتأثير الهرمونات يظهر فى الزيادة الواضحة لإصابة الإناث عن الذكور بهذا المرض حيث وجدت علاقة وثيقة بين هرمونات الأنوثة والإضطرابات المناعية التى تسبب الذئبة الحمراء . كما أن التأثير الضار لأشعة الشمس على هؤلاء المرضى يمكن تفسيره بإنطلاق الحامض النووى DNA من الخلايا فيتفاعل بدورة مع الأجسام المضادة المناعية لهذا الحامض النووى والتى تنتج بكميات كبيرة فى مرضى الذئبة الحمراء. هذا وقد يصاب أكثر من فرد فى العائلة بالذئبة الحمراء أو بأنواع أخرى من أمراض المناعة الذاتية مما يثبت دور الوراثة .وقد يحدث لبعض الناس أعراض مماثلة للذئبة الحمراء عند تناول بعض الأدوية مثل أدوية الصرع ومركبات السلفا وبعض أدوية القلب ويمكن تشخيص هذه الظاهرة ببعض التحاليل وعادة تشفى الأعراض بإيقاف تناول العقار المسبب.
 
معدلات الإصابة بالمرض:
        تختلف معدلات الإصابة فى مختلف أنحاء العالم بحيث تكون واحد فى المائة ألف فى بعض المناطق وقد تصل إلى واحد فى الألف فى مناطق أخرى والمرض نادراً ما يحدث قبل سن 5 سنوات وتكون معدلات الإصابة قليلة جداً من سن 5-8 سنوات ومعظم الحالات يتم تشخيصها بعد ذلك ولو أن بعض الحالات النادرة تم تشخيصها فى السنة الأولى من العمر. وتكثر الإصابة فى الإناث عنها فى الذكور حيث تكون النسبة قبل البلوغ 4 : 1 وتـرتفع إلى 8 : 1 بعد البلوغ .
 
ما هى العلامات المبكرة للمرض:
        قد يبدأ المرض بارتفاع فى درجة الحرارة يستمر لمدد طويلة وبدون أسباب واضحة وقد يصحب هذا إحساس بالتعب والإرهاق والألم أو تورم بالمفاصل  أو طفح جلدى بالوجه أو نزف بالجلد نتيجة لنقص الصفائح الدموية . وقد يأتى المرض فى صورة متقطعة أو مستمرة وبفحص المريض يمكن عمل تشخيص مبكر بمعاونة بعض التحاليل المعملية وبذلك يبدأ العلاج المبكر والناجح بإذن الله.
 
 
ما هى  أعراض المرض:
        يتميز مرض الذئبة الحمراء بوجود إصابات متعددة بأجهزة الجسم المختلفة حيث أنه لا يصيب أماكن محدودة بالجسم بل ينتشر بأعضائه المختلفة.
·   من الأعراض المميزة للمرض وجود طفح جلدى بالوجه وهو يأخذ صورة طفح أحمر  اللون على الوجنتين وعظمة الأنف على شكل فراشة على الوجه وقد يبدأ ظهوره نتيجة للتعرض لأشعة الشمس ويتم تشخيصه من باب الخطأ كحرق شمسى  ثم تظهر باقى الأعراض .  ومن الإصابات الجلدية الأخرى وجود طفح دقيق أحمر اللون على الأصابع والكفين وبطن القدمين أو النزف تحت الجلد أو برودة  وزرقة أصابع اليدين والقدمين (ظاهرة رينود) كما قد يتساقط الشعر بصورة مضطردة .هذا وقد تحدث قروح وإلتهابات بالأغشية المخاطية بالفم والأنف.
·   وبالأطراف يسبب آلاما أو التهابات بالمفاصل والأوتار والعضلات وهو لا يؤدى إلى تشوه المفاصل مثل مرض الروماتويد وقد يؤذى العظام نتيجة لتأثر الأوعية الدموية المغذية لها أو كعرض جانبى لبعض العلاجات المستخدمة.
·   ومن أعراض المرض أيضاً التهاب الأغشية المحيطة بالرئتين والقلب والغشاء البريتونى مما قد يسبب ارتشاح وتجمع سائل بهذه الأغشية مثل الإستسقاء كما قد يحدث تضخم بالكبد أو الطحال أو الغدد الليمفاوية.
·   وقد تصاب الكلى مما يؤدى إلى فقدان البروتينات مع البول وتورم الجسم (الأوذيما الكلوية) وارتفاع ضغط الدم وإذا لم تعالج جيداً قد تتأثر وظائف الكلى مع الوقت.
·   كما قد تصيب الذئبة الحمراء الجهاز العصبى أو القلب أو الرئتين أو الجهاز الهضمى وإذا لم تعالج فى الوقت المناسب قد تؤثر على وظائف هذه الأعضاء.
·   والأم الحامل المريضة بالذئبة الحمراء قد تلد طفلاً مصاباً ببعض الأعراض مثل إضطراب ضربات القلب والذى قد يؤدى إلى وفاة الجنين أو الوليد أو نقص الصفائح الدموية والذى قد يؤدى إلى النزف.
 
التشخيص المعملى :
        يمكن التكهن بحدوث المرض بواسطة طبيب المدرسة أو طبيب الأسرة وذلك بعمل سرعة ترسيب للدم عند الشكوى من  الأعراض المبكرة السالف ذكرها ثم يتم تحويل المريض إلى أحد المراكز المتخصصة فيتم عمل الفحوص المتقدمة  للتأكد من التشخيص وكلها ميسورة ومتاحة  فى مصر وأشهرها الأجسام المضادة للنواة وللأحماض الأمينية كما يجب عمل تقييم معملى لإصابـة الكلى وخلايــا الدم وسائـر أعضاء الجسم الأخرى وفحص العينين وأيضاً عمل أبحاث لوظائف القلب والرئتين والجهاز العصبى.
 
أساسيات العلاج:
  1.   يجب الإلمام والوعى بطبيعة المرض  ومسبباته ونتائجه حتى تتعاون كل الأسرة وتتكاتف فى الإلتزام بالمتابعة والعلاج وتقديم كل العون النفسى للمريض حتى يشفيه الله بفضله.
  2.   يجب تجنب التعرض لأشعة الشمس المباشرة قدر الإمكان وإستخدام المركبات الموضعية المانعة لتأثير الأشعة فوق البنفسجية بنوعيها أ و ب (UVA & UVB) واستخدام الملابس والأدوات الواقية  من الشمس.
      3.        يجب تجنب الإجهاد والإرهاق الزائد وأخذ قسط كاف من النوم والراحة وخصوصا خلال نوبات نشاط المرض.
  4.   الغذاء المقدم للمريض يجب أن يكون نظيفاً وخالياً من الميكروبات حيث أن العلاج عادة يشتمل على الكوريتزون ومثبطات المناعة مما قد يزيد فرص العدوى الميكروبية كما يجب عدم الإفراط فى السعرات الحرارية لتجنب السمنة وتقليل ملح الطعام فى الأكل (وخصوصاً المخللات وأكياس البطاطس واللب والسودانى المملح ...إلخ) والذى قد يسبب ارتفاع ضغط الدم وتورم الجسم مع عقار الكورتيزون ويجب أن يحتوى الغذاء على نسب كافية من الكالسيوم (منتجات الألبان) والفيتامينات المضادة للأكسدة وبعض المعادن مثل السيلينيوم والمغنسيوم والبوتاسيوم وكل هذه الفيتامينات والمعادن متوفرة فى الخضروات والفواكه كما وجد أن بعض الزيوت مثل زيت الزيتون تحتوى على بعض الأحماض الدهنية غير المشبعة والتى يحتاج إليها هؤلاء المرضى.
  5.   يجب العناية بالنظافة الشخصية للمريض حيث قد تكثر العدوى بالفطريات فى الجلد والأظافر والأغشية المخاطية كما يجب مراقبة المريض جيداً وإبلاغ الطبيب بأى شكوى عارضة مثل العدوى الميكروبية أو الفيروسية أو الصداع أو تغير شكل أو لون البول حتى يتمكن من علاجها أولاً بأول دون تأثر سير العلاج.والطفل الذى يتناول الكورتيزون يكون عرضه للعدوى الفيروسية أو البكتيرية فيجب مراعاة عدم إختلاطه بأى شخص معدى وخصوصاً فى الأماكن المغلقة  سيئة التهوية .
  6.   يجب الرجوع للطبيب المعالج قبل إعطاء المريض أى عقاقير مهما كانت بسيطة فى نظر الأهل مثل المسكنات حيث أن كثير منها قد يؤثر على الكلى أو الصفائح الدموية والمتخصص وحده هو الذى يستطيع إختيار المناسب منها والذى لا يتعارض مع العلاجات الأخرى.
  7.   يجب الإلتزام بالجدول العلاجى المستخدم فإن الكثير من العقاقير لا يمكن إيقافها بصورة مفاجئة وقد ترتبط حياة المريض بها ومن أهم العقاقير التى يحتاج لها مريض الذئبة الحمراء عقار الكورتيزون وعادة يؤخذ عن طريق الفم بعد الوجبات ولكن قد تحتاج حالة المريض فى بعض الأوقات لأخذ مركبات الكورتيزون عالية التركيز عن طريق الوريد وهذا لا يمكن أن يتم إلا داخل المستشفى لمراقبة ضغط الدم أثناء العلاج. هذا ويجب الإلتزام بالجرعة الموصوفة للكورتيزون بدقة شديدة والتى ترتبط بالمؤشرات الإكلينيكية والمعملية  لنشاط المرض ثم يقوم الطبيب بتقليل الجرعة بالتدريج الشديد وتحديد الموعد المناسب من النهار لأخذها وعادة يكون فى الصباح الباكر كما قد يصف الطبيب أدوية لعلاج ارتفاع ضغط الدم ويجب متابعة قياس الضغط أثناء تناولها لضبط الجرعات. وكثير من الحالات يحتاج  لأدوية مثبطة لجهاز المناعة حتى تقلل من إفراز الأجسام المناعية المضادة لأجهزة الجسم وإستخدامها يجب أن يكون تحت إشراف طبى دقيق وقد تؤخذ عن طريق الفم أو الحقن الوريدى بالمستشفى على فترات تتباعد تدريجياً.
  8.   يجب الرجوع للطبيب  المعالج قبل إعطاء أى تطعيمات لمريض الذئبة الحمراء حيث أن بعض الطعوم لا يمكن تناولها مع الأدوية المثبطة للمناعة كما أن بعض الطعـوم قد تفيد هؤلاء المرضى لتجنب الأمراض المعدية
  9.   تختلف معدلات متابعة الحالة  بإختلاف شدتها فقد تكون مرة كل ثلاثة شهور فى الحالات البسيطة ومرة شهرياً فى الحالات الأكثر شدة وأسبوعيا أثناء نشاط المرض أو فى حالة تناول المثبطات المناعية وفى كل زيارة يخضع المريض للفحص الإكلينيكى وقياس ضغط الدم والفحوص المعملية  مثل تحليلات البول والدم لقياس سرعة الترسيب وعد خلايا الدم ووظائف الكلى وكذلك مؤشرات نشاط المرض والتى تجرى عادة  كل 1-3 شهور مثل الأجسام المضادة للحامض النووى والبروتينات التكميلية C3) & (C4 وغيرها كما قد يلزم عند إصابة الكلى أخذ عينة من أنسجة الكلى لتحديد درجة إصابتها والعلاج الكيميائى المناسب لها هذا ويحتاج المريض لفحص العينين بصورة دورية لكشف مضاعفات المرض أو مضاعفات بعض العقاقير المستخدمة فى علاجه
 10.  يجب مراعاة الظروف النفسية والضغط العصبى الذى يتعرض له الطفل أو البالغ المصاب بالذئبة الحمراء حيث يخضع للعلاج الطبى المستمر فى أوقات قد يفضل قضاءها فى أنشطة أخرى كما يعانى من  الآلام بالجسم ويشعر بقلق الوالدين وأفراد الأسرة عليه مما ينعكس على حالته النفسية. كما قد يسبب المرض ذاته أو العلاج المستخدم بعض التغيرات المزاجية والسلوكية. وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن تدهور الحالة النفسية للمريض قد يؤثر على مسار المرض والإستجابة للعلاج وهنا يأتى دور الثقة بالله والإيمان به حيث أن الشفاء أصبح ممكناً بأمر الله من خلال العلاجات المتاحة الحديثة وقد تحتاج الأسرة لبعض الإستشارات النفسية حتى تقوم بواجبها الأمثل فى هذا الجانب المهم من العلاج.
 
مسار المرض ونتائج العلاج:
        مع التقدم الملحوظ فى طرق تشخيص وعلاج مرض الذئبة الحمراء أصبح من الممكن السيطرة على  المرض وأعراضه وخصوصاً فى الحالات التى يتم تشخيصها مبكراً ... وبكثير من الصبر والتفاؤل المبنيان على الإيمان وبالإلتزام بالمتابعة والعلاج دون تذمر أو قنوط يمكن لمعظم المرضى ممارسة حياتهم  المستقبلية بصورة طبيعية  إن شاء الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق